تغلغل المبشرون الأوربیون في مقاطعات الشرق الإفریقي منذ منتصف القرن التاسع عشر المیلادي

الملخص

لم تتعرف أفریقیا على عقیدة النصارى قبل السنوات الأخیرة التي شھدت نھایة
الإمبراطوریة الرومانیة في شمال أفریقیا على ید المسلمین، ومع أول عھد انتشار الإسلام
في ھذه المنطقة، لم یكن للنصارى غیر مملكة قبطیة في بلاد النوبة شمال أم درمان بالسودان
كانت تسمى (مملكة میروي) رفضت دعوة التوحید، وظلت على شركھا في ظل الدولة
الإسلامیة حتى عام ،١٤٠٥ عندما ھاجمتھا قبائل الفونج الوثنیة، علیھا لتعود أفریقیا مرة
أخرى بین وثنیة تجذرت بجھالاتھا وبین عقیدة إسلامیة تنتشر كنسمات الربیع.
كانت أفریقیا بالنسبة للنصارى عندما ھجموا علیھا كقطعة لحم جافة تتسابق إلیھا الكلاب
لتنھش منھا ما یسد نھمھا، لم تكن الغایة ھي المسیح، إنما كانت توسیع رقعة النفوذ في
مواجھة الصراعات السیاسیة والعقدیة التي سیطرت على كل أنحاء أوربا، إلى أن بدأت
سیاسة احتلال البلاد في افریقیة واسیا، ونھب ثرواتھا واستعباد شعوبھا فیما یعرف بالحملات
. (١) الاستكشافیة أولا، ثم الحملات الصلیبیة بعد ذلك
تحت ظل ھذه الحملة تحركت الكنیسة الكاثولیكیة من فرنسا ثم من بلجیكا والبرتغال
وألمانیا وایطالیا واسبانیا، كما تحركت الكنیسة البروتستانتیة الإصلاحیة من انجلترا ثم من
فرنسا وسویسرا وألمانیا واسكندنافیا وأمریكا جاعلة لنفسھا مقرا دولیا في منطقة جنوب
. ومن أشھر طوائف البروتستانتیة الذین نشطوا في قارة افریقیة عموما ھم (٢) افریقیة
الانجلیكان والمیثودست والبربیتاریان ثم اللوثریة وجمعیات البابتست Babtistes
والادفنتست Adventistes، وبرج المراقبة Tower Watch والمعروفة بجماعة شھود
بَھوْ ة وھي الجماعة الوحیدة التي حالت الكنائس البلجیكیة وحكوماتھا دون السماح لھا بالدعوة
في منطقة الكونغو، وقد أدت ھذه التعددیة اللا محدودة من مذاھب وملل واعتقادات النصارى
التي ھرعت إلى الأرض الجدیدة إلى إثارة الفتن والعصبیة وإشعال الحروب الضاربة بین
: (١) قبائل الأفریقیین على مستویین
١) في الداخل بین من ترك الوثنیة إلى النصرانیة أو اعتنق مذھبا نصرانیا یخالف مذھب
الأخر، لا داخل القبیلة فحسب، إنما داخل الأسرة الواحدة وداخل العشیرة الواحدة بین
الأب وأبناءه، وبین الأشقاء وبین الزوج وأصھاره.